Monday, 7 July 2014

السـنــة النبــــويــة


الســنـــة الــنــبــــويــــة

اعتاد أئمة المساجد أن يقرؤوا فصلاً من المواعظ و الآداب بعد صلاة العصر في رمضان . و ذلك ضمن حملة للتعليم و التوجيه مستفيدين من إقبال الناس على المساجد في رمضان .
كانت الموعظة التي قرأها الشيخ بالأمس عن فضل الإلتزام بالسنة النبوية و ذكر طرفاً من السنن التي هجرها الناس و يحسن التذكير بها و المحافظة عليها اغتناماً لبركتها . وقد ذكر الشيخ من هذه السنن التيامن – أي البدء باليمين عند لبس الثوب و النعل و دخول المسجد بالرجل اليمين و الخروج بالشمال , و النوم على وضوء , و سجدة  الشكر لمن أكرمه الله بشيء من الفضل , و السواك . و كان الشيخ يأتي بعد ذكر السنة التي يرغب الناس بها بمجموعة من الأحاديث النبوية التي تثبت فعل النبي صلى الله عليه و سلم لها أو إرشاده لفعلها و التمسك بها .
و بعد أن انتهى الشيخ من قراءة موعظته , فكرت في مضمون ما أورده من الأمثلة عن السنة فكانت جميعها أفعالاً فردية من الهيئات التي لا يتعدى خيرها فاعلها و ليس فيها أفعالاً و سنناً أخرى مما يبين السنة في الإطار الإجتماعي و التي يمكن أن نحشد لها من النصوص و الدلائل الصحيحة كما فعل الشيخ في السنن التي ذكرها .
شعرت أن هذه الموعظة التي قرأها الشيخ تشير إلى خلل منهجي خطير في التعامل مع السنة النبوية . إنها القراءة الإنتقائية التي تختزل مضمون السنة و دلالتها و تختصره في أفعال و هيئات فردية لا يشك مسلم بفضل ثواب فعلها بنية الإقتداء و التأسي , و لكنها لا تدل على الصبغة التي تميز أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما وصفها الله تعالى بقوله :
" و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " . " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين  " .  " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله " . " إنما المؤمنون إخوة " .
و بالإضافة إلى هذا الإختزال إلى الهيئات الفردية , هناك إعراض عن البعد الجماعي في السنة النبوية التي تشتد الحاجة إليها في واقع الأمة :
تبسمك في وجه أخيك صدقة . المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يحقره و لا يسلمه , كل المسلم على المسلم حرام , دمه و ماله و عرضه . ليس المؤمن بالطعان و لا اللعان و لا الفاحش و لا البذيء . إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه . نظفوا أفنيتكم و لا تشبهوا باليهود . لا تباغضوا و لا تحاسدوا و لا تدابروا و لا تناجشوا و كونوا عباد الله اخوانا . ليس منا من لم يرحم صغيرنا و يوقر كبيرنا و يعرف لعالمنا حقه . إن الله يحب معالي الأمور و يكره سفاسفها . . . . . .
إن أمثال هذه السنن و التوجيهات النبوية هي التي تميز الأمة في الإطار الجماعي و هي التي تعطي المجتمع صبغته الإسلامية النبوية من التراحم و التكافل و الرفق و الإحسان . فإذا أضاف المسلم إلى التزامه بالصبغة النبوية للمجتمع المسلم سنناً فردية و هيئات في اللبس و الأكل و المشي و النوم و غيرها فقد غنم مزيدأ من الفضل ببركة التأسي , و لكن هذه الهيئات لن ترقى لتكون البديل عن الصبغة الإجتماعية العملية أو المعيار الراجح لمعنى إتباع السنة .

No comments:

Post a Comment