الـتـغيـيـر
. . . محاولة رؤية شاملة
التغيير هوالحلم الذي يراود المستضعفين ليتخلصوا من الذل
و الهوان الذي يفرضه المستكبرون . و هو الأمل الذي يتطلع إليه الطامحون إلى
التطوير و التحسين و التنافس على درجات المجد و التمكين.
و قد درج كثير ممن تناولوا هذا الموضوع على إبراز
مسؤولية الإنسان و مركزية جهده في إحداث التغيير , و ذلك إستناداً إلى مدلول الآية
الكريمة و صياغتها الشرطية :
" إن الـلـه لا يـغـيـر مـا بـقـوم حـتـى
يـغـيـروا مـا بـأنـفـسـهـم "
و قد داب المتحدثون عن التغيير من الإسلاميين على
التركيز على الشأن الفكري و الثقافي باعتبار أن التغيير الإنساني المطلوب لما
بالنفس يتضمن حصراً الأفكار و الظنون و العقائد و التصورات , كما قرر ذلك بشكل
صريح الأستاذ جودت سعيد في كتابه الذي عالج فيه هذا الموضوع .
و قد بين
الأستاذ جودت في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابه " حتى يغيروا ما بأنفسهم
" أن موضوع التغيير يشتمل على جوانب , أولها هل التغيير ممكن ؟ و إذا كان ممكناً فهل له سنن ؟ و الثاني كيف أغير أو كيف يحدث التغيير ؟ و الجانب الثالث ماذا أغّير ؟
ثمّ أوضح أن الكتاب و المعالجة التي يتناولها تتوجه إلى
الجانب الأول , أما الجانب الثاني و الثالث من التغيير فليسا القصد المباشر من
الحديث إلا ما جاء في ثنايا الأمثلة على الجانب الأول .
و إذا راجعنا تراث سيد قطب " رحمه الله " في هذا الموضوع و خاصة في كتابيه " هذا
الدين " و " معالم في الطريق " و جدنا أن الطرح لا يختلف كثيراً في
جوهره عما قدمه جودت سعيد , فالجهد البشري هو الطريق لتحقيق المنهج القرآني مع
الجدية في الأخذ بالقرآن و أولوية التصور الإعتقادي في عملية التغيير في إطار
الجهد الجماعي المتميز عن الجاهلية و الجاهليـين . و فيما عدا هذه التوجهات الإعتقادية فهناك
إيحاءات كثيرة بعدم جدوى الحديث أو التفكير في التفاصيل العملية .
و في هذا المقال سأحاول إلقاء بعض الأضواء على هذا
الموضوع , و أتناوله من النقطة التي تركه عندها الأستاذ جودت و أمثاله من الرواد .
فقد كان اهتمامهم منصباً على بيان امكانية التغيير لإستنقاذ المسلمين من العطالة و
النظرة الجبرية القدرية التي تسلب الإنسان الفعالية و الجدية في معالجة عيوبه على
المستوى الفردي و الجماعي على حد سواء .
و يبدو أن الذين
عالجوا موضوع التغيير من المفكرين و الكُـتـّاب قد انطلقوا من افتراض ضمني حدد لهم
مجال التفكير و النظر و هو أن مدلول حرف الباء و حرف " في " هو واحد في
سياق الآية الكريمة , و كأن المعنى هو: حتى يغيروا ما في أنفسهم . و عندها لا
غرابة في أن تأخذ الأفكار و الظنون و
العقائد و المفاهيم دوراً مركزياً في الحديث عن التغيير و دور الإنسان فيه.
و عندما يتم اختزال الشأن الفكري و الثقافي في قضية
التغيير الإنساني المطلوب إلى ما يسمى العقيدة
و عندما تختزل العقيدة إلى مجموعة
من الصياغات الحرفية و اللفظية في مسائل شكلت خطوط المواجهة بين الفرق و المدارس و
المذاهب , و عندما يغيب في خضم المعارك
الكلامية حول الألفاظ و العبارات مدلول العقيدة الذي يزكي القلب و يدفع للعمل و
يضبط رعونات النفس , تفقد الدعوة إلى التغيير زخمها و إشعاعها و تفقد الدعوة إلى
التغيير و بيان مسؤولية الإنسان فيه معناها و مصداقيتها مهما حاولنا ردم الفجوة
التي تفصل المسلم عن الفهم المطلوب لعملية التغيير و كيفية التغيير و مراحله و
خطواته و مداه .
و قد استعمل القرآن الكريم الحرف " في "
للدلالة على كل ما تضمره القلوب و تكنه الصدور, في مثل قوله تعالى : إن تبدوا ما
في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله . . .
قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله . . . يخفون في أنفسهم ما لا يبدون
لك . . . و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه .
و لكن القرآن الكريم في آيات التغيير الإنساني المطلوب استعمل
التعدية بحرف الباء , فهل هناك فرق بين الحرفين في الدلالة و المعنى , و هل
لهذا الفرق من دلالة تنعكس على مجال التغيير و مداه و عناصره و وسائله ؟
قد يكون من المفيد معرفة استعمالات حرف الباء و معانيها
في لغة العرب , و التي قد تفتح باباً من الفهم على مجالات و آفاق التغيير المطلوب
. فمن معاني حرف الباء الملابسة و الإلصاق , و عند التأمل في ما يعكسه استعمال هذا
الحرف بهذا المعنى في هذا المقام نرى أن مجال التغيير لا ينحصر بما في النفس من
الأفكار و الظنون و المفاهيم بل يتعداه ليشمل كل ما يلابس النفس و يلتصق بها . و
عند ذلك يصبح كل ما يرتبط بالنفس من عادات التفكير و مهارات العمل و الإنجاز و طرق
التواصل و التفاهم و آليات الوصول إلى قرار و آليات حل الخلافات و النزاعات و
أولويات الإنفاق و عادات الإستهلاك و معايير الشرف و الحظوة و الرفعة , و كل ما
يتعلق بتذوق الجمال و مزاج الإستمتاع و الترويح
و عادات النظافة و توجهات الإدارة و النظام . . . . كل ذلك و كثير غيره هو
مما يتصل بالنفس و يلابسها و يلتصق بها , و كل ذلك يمثل مجالات للتغيير و المجاهدة
و مجالات لتحري الصواب فيها و معرفة مواطن الخلل و انعكاسات الفشل و القصور و
التراجع .
إن فهم التغيير بهذا الشكل يقطع الطريق على محاولات
الإختزال التي تنشر الوهم بأن آحاد الأفكار أو الآراء أو المفاهيم قادرة على إحداث
التغيير بالحجم الذي يرد العافية إلى الأمة التي ضربها الوهن في كل مجال و على كل
صعيد .
و لعل مما يرشح هذا المعنى ويزيده و ضوحاً أن معنى النفس
في كثير من آيات القرآن الكريم يدل على القلب أو العقل أو الصدر أو ما يمكن أن
نعرفة بعنصر الإرادة و الفهم و الإدراك في الذات الإنسانية , وهذا هو المعنى
المتبادر للنفس عند استعمال التعدية بالحرف " في " . و هذا هو المعنى
للنفس الذي أشار إليه الإمام الغزالي في كتاب عجائب القلب و الذي يشترك مع القلب و
العقل للدلالة على اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان .
أما عتد
استعمـال النفس مع حروف أخرى أو بدون تعدية , فللنفس عند ذلك معنى آخر يدل على
الذات الجماعية أو الوضع الإجتماعي العام و ما يلابس القوم في شؤون حياتهم و
معاشهم . و ليتأمل القارئ قوله تعالى . . رسولاً من أنفسهم . . . ظلموا أنفسهم . .
. فلا تزكوا أنفسكم . . . تجاهدون بأموالكم و أنفسكم . . .فالنفس في هذه المواضع
لا يمكن حمل معناها ليكون موازياً للقلب أو العقل , و على هذا فإن المعنى الذي يترشح من استبعاد حصر
معنى النفس في سياق آية التغيير بمعنى العقل أو القلب , أن التغيير المطلوب يتناول
الذات الجماعية بكل عناصرها و الوضع الإجتماعي بكل تداخلاته و ما يلابسه .
و يبقى التغيير لما " في " النفس بمعنى عقد
العزم و صدق الإرادة و تأكيد النية و خلوص التوجه لإحداث التغيير في كل مجالات ما
يتصل بالنفس و المجتمع , و الإحتراز عن العوائق النفسية و الممانعات التي تقاوم
التغيير استجابة لضغوط الجهل و الإلف و العادة و استهجان الجديد المخالف . . .
يبقى هذا شرطاً لا بد منه لأي تغيير و لكنه لا يتضخم – ليخرج عن كونه شرطاً – ليحل
محل التغيير الحقيقي المطلوب في كل مجالات التفكير و العمل و ما يتضمن من المهارات
و الخبرات و الوسائل و الطرق و توجهات الإتصال و الإدارة و التنطيم .
و في هذا السياق يصبح كلام الإمام الغزالي في كتاب " الإحياء " متوجهاً و نافعاً و يلقي
الضوء على الطريقة العملية لإحداث التغيير في كل المجالات التي يحسّ الناس بضرورة
التحسين و التطوير فيها .
ذكر الإمام الغزالي في كتاب عجائب القلب من "
الإحياء " أن اكتساب الأخلاق – و مثلها المهارات و الخبرات – يكون بالرياضة و
المجاهدة , و ذلك يعني حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب . فمن
أراد مثلاً أن يحصل لنفسه خلق الجود , فطريقه أن يتكلف تعاطي فعل الجواد و هو بذل
المال , فلا يزال يطالب نفسه و يواظب عليه تكلفاً مجاهداً نفسه فيه حتى يصير ذلك
طبعاً له و يتيسر عليه فيصير جواداً , و كذا من أراد أن يحصل لنفسه خلق التواضع و
قد غلب عليه الكبر فطريقه أن يواظب على أفعال المتواضعين مدة مديدة و هو مجاهد
نفسه و متكلف إلى أن يصير ذلك خلقاً له و طبعاً فيتيسر عليه , و جميع الأخلاق
المحمودة شرعاً تحصل بهذا الطريق . . . . . و قد عرفت بهذا قطعاً أن هذه الأخلاق
الجميلة يمكن اكتسابها بالرياضة , و هي تكلف الأفعال الصادرة عنها ابتداءً لتصير
طبعاً انتهاءً , و هذا من عجيب العلاقة بين القلب و الجوارح – أعني النفس و البدن
– فإن كل صفة تظهر في القلب يفيض أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها لا
محالة , و كل فعل يجري على الجوارح فإنه قد يرتفع منه إلى القلب أثر . فمن أراد أن
يصير الحذق في الكتابة له صفةً نفسية – حتى يصير كاتباً بالطبع – فلا طريق له إلا
أن يتعاطى بجارحة اليد ما يتعاطاه الكاتب الحاذق و يواظب عليه مدة طويلة يحاكي حسن
الخط , فيتشبه بالكاتب تكلفاً , ثم لا يزال عليه حتى يصير صفةً راسخةً في نفسه ,
فيصدر منه في الآخر الخط الحسن طبعاً كما كان يصدر منه في الإبتداء تكلفاً . و
كذلك من أراد أن يصير فقيه النفس فلا طريق له إلا أن يتعاطى أفعال الفقهاء . . . .
و كذلك من اراد أن يصير سخياً عفيف النفس حليماً متواضعاً فيلزمه أن يتعاطى أفعال
هؤلاء تكلفاً حتى يصير له طبعاً , فلا علاج له إلا ذلك .
و ما سماه الإمام الغزالي تكـلّـفاً هو – بلغة العصر –
التدريب الواعي المستمر و المحاولة الدائبة لإكتساب المهارات و الخبرات الفكرية و العملية لتصبح عادةً و طبعاً أصيلاً
في كل ناحية يجد الإنسان فيها من نفسه جهلاً أو عجزاً أو قصوراً في كل مجالات
الفعل الفردي و الإجتماعي . و يحصل التغيير على المستوى الفردي بشكل مباشر, أما
على المستوى الجماعي فلا بد أن يأخذ التغيير المكتسب مداه الإجتـماعي و صيغته
الجماعية حتى يصل المجتمع في أغلب أفراده
إلى هيئة نفسية راسخة اكتسبت الخبرات و المهارات الفردية و اكتسبت كذلك التوجه
الجماعي الذي يمكنها من أن تتفاعل مع كل ما حولها من منطلق و مقتضيات الخبرات و
المهارات , عند ذلك يحدث التغيير في مجال كل خبرة و مهارة تم تحصيلها و إتقانها .
و مجالات التغيير و ما ينبغي إعادة النظر في طريقة أدائه
و وسائل رعايته ليس مجالاً للحدس والظن والتخمين , فالوسائل تقيّم بنتائجها , و
النتائج هي معيار صحة المقدمات و نجاعة الأسباب .
فكل ما يثير الشكوى و التذمر من عسر أو مشقة أو عدم كفاية أو تخلف عن أداء
الوظائف و رعاية المصالح . . . . لا بد من إعادة النظر في مقدماته و لا بد من
امتلاك الخبرات و المهارات اللازمة لتشخيص الحال و إعادة الأمور إلى نصابها فيه ,
و ذلك في إطار منهجية سننية صارمة لا تدع مجالاً للخرافة و التمني و التواكل .
و قد تكون الخبرات و المهارات و طريقة تحصيلها أو التدرب
عليها متيسرة موجودة عند استعراض أحوال و ممارسات المجتمعات التي لا تعاني مما
يشكو الناس منه و يتذمرون , و عند ذلك لا بد من الإستفادة من تجربتهم و ملاحظة
أسباب نجاحهم و ما استخدموه من وسائل لرعاية المصالح و تحقيق الوظائف , و من ثَمّ
إعداد العدة لمباشرة الأسباب و إتقان الوسائل و طرق ممارستها و التدرب على
مقتضياتها و متطلباتها ضمن السياق الفكري و العملي و الإجتماعي الخاص .
و يجب الحذر من الوهم أن نقل الوسائل من بيئات أخرى و
سياق حضاري آخر يمكن أن يحدث التغيير المطلوب إذا أُهمل الجهد المطلوب للتكيف مع
البيئة الخاصة .
و عندما يفهم التغيير بهذا الشكل يتوقف التلاوم و إلقاء
التبعة و المسؤولية على فئة من الأمة دون أخرى , فالكل مسؤول و الكل مطالب بتحديد
مجالات القصور و النقص و فهم عواملها و أسبابها كلٌّ في مهنته و عمله و ما أقامه
الله فيه . و هنا لا بد من وجود إطار جماعي و جهد جماعي يتولى إعداد خطة للتدريب و أهداف للإنجاز و
مهارات للإكتساب يساهم الفرد فيها ويشترك في تحقيقها بروح عالية من الشعور
بالمسؤولية و جدية في تحمل الأعباء و التبعات .
و على سبيل المثال , فإن الواقع الصحي لمجتمع من
المجتمعات يمكن تغييره إلى آفاق راقية عندما ينتشر الإيمان بأن قدر المرض يرد بقدر
الدواء و العلاج , و عندما يتولى التعليم نشر ثقافة الوقاية و النظافة و محاربة
العادات السيئة , و عندما يتولى النظام العام نشر ثقافة السلامة و الأمان و يفرض
تدابير رعايتها و الإلزام بها , و يتولى أصحاب المعرفة الطبية مهمة تحديد أسباب
انتشار الأوبئة و الأمراض و اقتراح المعالجات الطبية المناسبة , و يتولى أصحاب
الفكر الإداري و النظر التنظيمي تمحيص ما يتوفر من الإمكانيات لإقتراح و تطوير
نظام لتأمين الخدمة الطبية لمن يحتاجونها . . . . كلّ ذلك بجهد منظم واعٍ مدروس ,
يستند إلى معطيات علمية و بشرية و مالية و خطة متدرجة , و بعد ذلك يتلمس الناس
التغيير في الواقع الصحي بانخفاض عدد الإصابات و انخفاض عدد الحوادث و القضاء على
بعض الأمراض و غير ذلك من النتائج التي لم تكن ممكنة بغير الجهد و المساهمة
الواعية لكل فرد من أفراد المجتمع على تفاوت في مقدار المساهمة و أهميتها .
و عند التأمل في هذا المثال عن تغيير الواقع الصحي في
مجتمع من المجتمعات , نجد أن تغيير أحوال الأمة في كل ما تشكو منه ينطبق إلى حد
كبير على هذا المثال . فأزمة السكن و مشكلة البطالة و انتشار الأمية و مشكلة قذارة
الأماكن العامة و كثير غيرها لا يمكن تغييرها إلى الكفاية و النظام و النظافة و
السعة و الأمن و الإزدهار بمجرد الوعظ و الترغيب بفوائد الأمن و النظافة و العلم ,
إذ لا بد من أن ينخرط جميع أبناء الأمة في توجهٍ جادٍ لتغيير عادات الإستهلاك و
ترشيد أولويات الإنفاق و امتلاك المعرفة بطرق الإنتاج و وسائل التنفيذ لمعالجة ما
يتوفر في البيئة المحلية من موارد و ثروات و إمكانيات , كل ذلك بالتزام صارم
بالتخطيط و المتابعة و المحاسبة و كل متطلبات الإدارة الناجحة , و باعتماد التشاور
و التناصح و المشاركة لتحديد معالم رؤية للتنمية و التطوير تنطلق من الحاضر و تؤسس
لخبرات و مهارات الأداء الفعّـال و تعتمد على عادات التفكير العلمي المنهجي وآليات
الوصول إلى قرار يراعي الحد الأدنى من الكفاية و الحد الأعلى من المشاركة للغالبية
العظمى من الأمة بعيداً عن الوصاية و الإقصاء .
و عندما تنتشر ثقافة التغيير على هذا النحو تبدأ رحلة
الألف ميل بخطوة جادة على مستوى كل فرد مهما كان شأنه و عمله و مهنته , حبّـاً
للإتقان و إقبالاً على اكتساب الخبرات و تعلّـم المهارات و شغفاً بالقراءة و
التعلم و استباقاً للخير و تنافساً فيما ينفع الناس و التطلع إلى فضل الله
بالتغيير و العزّة و التمكين إنطلاقاً من توجيه النبي الكريم " تـؤدون الـذي
عـليكم و تسألـون الله الذي لـكم " .
إن هذه التوجهات العملية و الفكرية و الأخلاقية تمثل
البداية التي تضمن تراكم الخير و وضوح الطريق لمعرفة مجالات العمل و البناء و
التحسين و التطوير .
و يبقى الإهتمام و الغيرة على الصالح العام و الشأن
العام و احترام الفضاء الإجتماعي و حقوق الآخرين هو الإطار الذي يكفل العافية لنمو
التوجهات العملية الجماعية بعيداً عن الأنانية و العدوان .
إن هذا الفهم لمضمون التغيير و طريقته لا يدع مجالاً لإنتظار
ما يحدث بعيداً عن الفرد , فهناك الكثير من المهارات و الخبرات يستطيع الفرد أن
يكتسبها ليكون كفئاً لسد كفاية من الكفايات , فأكثر الناس لا يتحسسون مواضع
عطالتهم و انعدام فعاليتهم فيغري بهم هذا أن يتصوروا أن أي حديث عن التغيير لا
يخصهم بل يجب أن يبدأ التغيير من الآخرين أو الظروف و الأوضاع .
و قد يكون أول ما يجب من العمل في طريق التغيير هو تنمية
القدرة على العمل الجماعي و تنسيق الجهود و نشر روح التعاون و توزيع العمل في إطار
أمور لا تعوزنا فيها المهارات الفردية أو الخبرات الشخصية و لكننا لا نحسن وضعها
في إطار جامع ينظر إلى الوسائل في إطار الأهداف و ينظر إلى التفاصيل ضمن رؤية
واضحة للأولويات .
No comments:
Post a Comment