Saturday, 22 February 2014

الإكراه


الإكــــراه

 

من القواعد القرآنية الحاكمة قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين , قد تبين الرشد من الغي )

و قد بين العلماء أن الله سبحانه لم يُجرِ أمر الإيمان على الإجبار و القسر و لكن على التمكين و الإختيار . و نحوه قوله تعالى ( و لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً , أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) . و قد أشار الرازي في تقسيره إلى هذا المعنى بقوله : إنه لم يبق بعد ايضاح هذه الدلائل للكافر عذر في الإقامة على الكفر إلا أن يقسر على الإيمان و يجبر عليه , و ذلك مما لا يجوز في دار الدنيا التي هي دار ابتلاء , إذ في القهر و الإكراه على الدين بطلان معنى الإبتلاء و الإمتحان .

و قال ابن عاشور في تفسيره : و نفي الإكراه خبر في معنى النهي , و المراد نفي أسباب الإكراه في حكم الإسلام . أي لا تكرهوا أحداً على اتباع الإسلام قسراً . و جيء بنفي الجنس لقصد العموم نصاً . و هي دليل على إبطال الإكراه على الدين بسائر انواعه , لأن أمر الإيمان يجري على الإستدلال و التمكين من النظر و الإختيار .

و الأصل أن يتعدى فعل أكره بالحرف ( على ) كما في قوله تعالى ( و لا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) . و في العدول عن حرف (على ) و استعمال الحرف ( في ) إشارة إلى أن الإكراه ليس من طبيعة الدين و لا من طريقته , لأن الدين استسلام و خضوع و التزام طوعي بما أمر الله به أو نهى عنه , فليس من الدين ما يتنافى مع الخضوع الطوعي و الإلتزام الذاتي من الإجبار و القسر و الإكراه و الذي يولد النفاق و التحايل .

فإذا امتنع الإجبار و الإكراه على أصل الدين و هو الإيمان , فامتناعه على ما دون ذلك من الآداب و المندوبات و الفضائل أولى و آكد . و عمل النبي صلى الله عليه و سلم يدل دلالة واضحة على منع الإكراه . فقد ثبت نهيه للأنصار الذين تنصر أو تهود بعض أبنائهم في الجاهلية أن يجبروهم على الإسلام . و لم ينقل عنه صلى الله عليه و سلم أنه أجبر أحداً على شيء من أمر الطاعات و العبادات إلا أن يكون متصرفاً بمقام القاضي في حكوماته بين المتنازعين . و لا أدلّ على التوجه إلى منع الإكراه في أمر الطاعات و العبادات من التعليق القرآني الذي نزل بعد الأمر بترك البيع عند النداء في صلاة الجمعة في حق أولئك الذين انصرفوا عن الصلاة إلى البيع في حضور النبي صلى الله عليه و سلم : ( و إذا رؤوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها و تركوك قائما , قل ما عند الله خير من اللهو و من التجارة و الله خير الرازقين ) . و لم يثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم زاد على ذلك شيئاً من تأديب أو تعزير .

و يبقى هناك حيز من الإجبار و الإكراه لا بد منه  , يفرض بقوة القانون لحماية النظام العام و السلم الإجتماعي .  و لا يكاد يخلو مجتمع إنساني من قوانين أو أعراف تمنع المرء أن يعمل كل ما يحلو له رغم كراهته لذلك لتأمين السلم الإجتماعي و الوفاق الوطني , مثل قوانين تنظيم البناء و تنظيم السير و تنظيم العمل و قوانين السلامة و حماية البيئة و مصادر الثروة الوطنية و غيرها . فينبغي تحديد مجالات الخصوصية و الحرية الشخصية حتى لا يدخل الحرج على بقية أفراد المجتمع . و يجري تحديد تلك المجالات بآليات التشاور مع أهل الخبرة و الإختصاص و توخي المصلحة العامة و رعاية المزاج الثقافي  و استلهام تجارب الشعوب الأخرى , مع التقليل من حيز الإكراه و الإجبار قدر الإمكان و خاصة عندما يتعلق الأمر بالخصوصيات الفردية التي لا يتعدى تأثيرها للآخرين .

و تعتبر الزكاة هي الإستثناء الوحيد الذي ورد فيه الإكراه من شرائع الدين . فالزكاة هي من الوسائل لتحقيق السلم الإجتماعي بتأمين الحد الأدنى من العيش الكريم للضعفاء و المساكين . و الزكاة كما يقرر الإمام الشافعي فيما نقله عنه الإمام الزنجاني - أن الزكاة مؤونةٌ ماليةٌ وَجَبَت للفقراء على الأغنياء بقرابة الإسلام على سبيل المواساة و معنى العبادة فيها تَبَع .  ( تخريج الفروع على الأصول ص 110 )

و قد أدرك بعض المفسرين أن بين النهي عن الإكراه و الأمر بالقتال تعارض لا بد أن تتوجه إليه الأفهام بالبيان و الشرح و التفصيل . فالتهديد بالقتل و المتضمن في الأمر بالقتال هو غاية الإكراه و القهر . فكيف يجتمع الأمران و ما هو وجه الجمع في هذا التعارض ؟

قال ابن عاشور رحمه الله : فالظاهر أن هذه الآية ( لا إكراه في الدين ) نزلت بعد فتح مكة و استخلاص بلاد العرب . . . . فنسخت حكم القتال على قبول الكافرين الإسلام و دلت على الإقتناع منهم بالدخول تحت سلطان الإسلام و هو المعبّر عنه بالذمة . و وضّحه عمل النبي و ذلك لما خلصت بلاد العرب من الشرك بعد فتح مكة و بعد دخول الناس في دين الله أفواجاً حين جاءت وفود العرب بعد الفتح . فلما تم مراد الله من انقاذ العرب من الشرك و الرجوع بهم إلى ملة إبراهيم , و من تخليص الكعبة من أرجاس المشركين , و من تهيئة طائفة عظيمة لحمل هذا الدين و حماية بيضته , و تبين هدى الإسلام و زال ما كان يحول دون اتباعه من المكابرة و حقق الله سلامة بلاد العرب من الشرك كما وقع في خطبة الوداع " إن الشيطان قد يئس من أن يعبد في بلدكم هذا " . لما تمّ كلّ ذلك أبطل الله القتال على الدين و أبقى القتال على توسيع سلطانه . و لذلك قال ( التوبة 29 ) " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرّم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون " .   و على هذا تكون الآية ( لا إكراه في الدين ) ناسخة لما تقدم من آيات القتال . على أن الآيات النازلة قبلها أو بعدها أنواع ثلاثة : أحدها آيات أمرت بقتال الدفاع كقوله تعالى ( و قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) و قوله ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) , و هذا قتال ليس للإكراه على الإسلام بل هو لدفع غائلة المشركين . و النوع الثاني آيات أمرت بقتال المشركين و الكفار و لم تغيـي بغاية , فيجوز أن يكون إطلاقها مقيداً بغاية ( حتى يعطوا الجزية ) و حينئذ لا تعارضه آيتنا هذه ( لا إكراه في الدين ) . و الثالث ما غيـي بغاية كقوله ( حتى لا تكون فتنة ) فيتعين أن يكون منسوخاً بهاته الآية و آية ( حتى يعطوا الجزية ) , كما نسخ حديث – أمرت أن أقاتل الناس – هذا ما يظهر لي من معنى الآية . و الله أعلم .اه

و يبدو ان ما حمل الإمام ابن عاشور على القول بنسخ آية ( و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله ) , ما ذكره معظم المفسرين من أن معنى الآية هو الأمر بالقتال حتى لا يكون شرك أو كفر و تكون الطاعة و الإنقياد لله وحده . فحمل الآية على هذا المعنى فيه تعارض واضح مع الأمر بنفي الإكراه .

و القول بنسخ آية من كتاب الله ليس بالأمر السهل الذي نلجأ إليه – بمجرد توهم التعارض – إذا كان في التأويل السائغ مندوحة . و خاصة أن التأويل الذي ذهب إليه أكثر المفسرين  يتعارض مع قضاء كوني أراده الله سبحانه و لا مطمع في تغييره و إزالته و هو وجود الكفر و الشرك و المعاصي ( و لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً ) و لكنه سبحانه لم يشأ ذلك ليتم معنى الإبتلاء و الإختبار . فذلك يرجح أن ما ذهب إليه المفسرون في معنى الآية لا يستقيم .

و معنى الفتنة هو التعذيب و الإيذاء ,  و ذلك مثل قوله تعالى ( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق ) . و يؤيد ذلك ما روي عن عروة ابن الزبير قال : : كان المؤمنون في مبدأ الدعوة يفتنون عن دين الله، فافتتن من المسلمين بعضهم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يخرجوا إلى الحبشة، وفتنة ثانية وهو أنه لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة، توامرت قريش أن يفتنوا المؤمنين بمكة عن دينهم، فأصاب المؤمنين جهد شديد، فهذا هو المراد من الفتنة، فأمر الله تعالى بقتالهم حتى تزول هذه الفتنة.

و الدين في سياق هذه الآية هو المحاسبة و المكافأة و الجزاء و مثله قوله تعالى ( مالك يوم الدين ) . و على هذا يكون معنى الآية : الأمر بالقتال و الإذن به يعتمد على وجود مبرر القتال و هو رفع الفتنة و الإيذاء و التعذيب بسبب الإيمان و الإعتقاد . فحرية الرأي و حرية الإعتقاد مطلب إنساني لا بد من حمايته , فالجزاء و المكافأة على الكفر أو الإيمان هو من شأن الله تعالى يحاسب عباده و يجازيهم على إيمانهم أو كفرهم في الآخرة , و ليس هذا من شأن العبيد .

فتأويل الآية بهذا الوجه لا يزيل التعارض مع آية ( لا إكراه في الدين ) الذي حمل ابن عاشور على القول بالنسخ فحسب , بل يجعل الآية مما يؤكد منع الإكراه و الإيذاء بسبب الإيمان و يجعل رفع الفتنة هو السبب المقبول للقتال , مما يتوافق مع مقاصد الدين و يضع رسالة الإسلام – كما أرادها الله سبحانه – رسالة تحريرية للإنسان بحماية أخص ما يميز إنسانيته و المتمثل في حرية الفكر و الإعتقاد .

و تأويل الآية بهذا الوجه ليس فيه ما يجعله تأويلاً بالرأي لمجرد مخالفته للمنقول , بل هو النصيحة لكتاب الله بأن نقول فيه أحسن ما نعلم و خاصة أن التأويل الذي رجحناه هو مما تسيغه اللغة و عليه أدلة من القرآن الكريم و يرفع التعارض مع كليات العقيدة و خصائص الرسالة الخاتمة .   

و كذلك , لا بد من وضع مسألة الردة عن الدين في إطار منع الإكراه , فالتهديد بالقتل هو الإكراه الذي يجب رفعه و منعه . و لذلك ذهب المحققون من العلماء إلى أن الحكم بقتل المرتد ليس بسبب الكفر بل بسبب الإنحياز للعدو المحارب , و هو المعنى المقصود في الحديث النبوي ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) . فإذا سلمت الردة عن معنى الخيانة و الإنحياز للعدو المحارب ( مفارقة الجماعة ) و التي تشكّل جريمة سياسية يعاقب عليها القانون في كل الدول , فليس للردة من عقوبة في الدنيا غير ما يترتب على الكفر من أحكام فردية تتعلق بالآخرين مثل أحكام الزواج و الإرث و الذبائح و غيرها .

و بعد هذا التقرير لأهمية منع الإكراه و وضع هذا المنع في الإطار الصحيح المنسجم مع خصائص الإسلام  و سماحته , يتبين بوضوح أن المحاولات السمجة لربط الإسلام بالإكراه هي محاولات مشبوهة و تشويه مقصود . إن ما تريده الأمة من الرجوع إلى دينها هو الهوية الحضارية و ثقافة التسامح التي وسعت تعددية مذهبية و عرقية و دينية كانت مضرب الأمثال عبر التاريخ و مدعاة افتخار و اعتزاز لكل من ينتمي إلى هذه الحضارة و هذه الثقافة .

Wednesday, 5 February 2014

اهدنا الصراط المستقيم



اهدنا الصراط المستقيم

يأتي هذا الدعاء في فاتحة الكتاب ليرشد قارئ القرآن أن ما سيجده في هذا الكتاب هو الصراط المستقيم و أن عليه أن يكون في قراءته طالب هداية مستشعراً لوحشة الضياع إن ابتعد عن الدليل .
و يردد المؤمن هذا الدعاء في صلاته سبعة عشر مرة – على الأقل – في اليوم و الليلة في الصلاة المكتوبة , فما نصيبه من فهم معنى هذا الدعاء ؟ و ما نصيبه من فهم ما يترتب عليه بعد توجهه بهذا الدعاء ؟
و يكاد المرء لا يجد لمعنى هذا الدعاء أثراً عند كثير من المصلين . و كأن الأمر هو تحصيل حاصل , فالصراط المستقيم هو الإسلام و نحن مسلمون مهتدون و الحمد لله . و لا يزيد الأمر عن ترديد باللسان ليس له في العقل و القلب أثر .
و الهداية في القرآن لها معنيان متكاملان , و ليس معنىً واحداً , فالقرآن الكريم يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم و يقول : " و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم " , و يخاطبه مرة أخرى و يقول : "  إنك لا تهدي من أحببت "  . و القرآن الكريم " يهدي للتي هي اقوم " " هدىً للمتقين " " هدىً و رحمة للمحسنين "
 " قل هو للذين آمنوا هدىً و شفاء و الذين لا يؤمنون في آذانهم وقر و هو عليهم عمى "
فلا بد من استجلاء معنى كل من الهدايتين , و لا بد من بيان ما يترتب على كل معنى من المعنيين في عنق كل من توجه إلى الله تعالى داعياً " اهدنا الصراط المستقيم " .
و المعنى الأول للهداية هو البيان و الدلالة على الحق و الخير و الإرشاد إلى مواطن الصلاح و مظان الهلاك و الفساد. و بهذا المعنى القرآن يهدي و الرسول يهدي و المعلم يهدي و كل داع إلى الله يهدي .
" و أما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " أي بيّـنّـا لهم و دللناهم و أرشدناهم .
و أول ما يجب على طالب الهداية و هو يدعو الله تعالى " اهدنا الصراط المستقيم " أن يطلب العلم و الفهم . فليس من الجدية في طلب الهداية أن يعلم المرء أن القرآن يهدي ثم لا يطلب فهمه و لا يسعى إلى تدبر أغراضه و مقاصده . و ليس من الجدية في طلب الهداية أن يعلم المرء أن الرسول يهدي ثم يعرض عن فهم سنته و طريقة و نموذج حياته و سمته و مزاجه و خلقه صلى الله عليه و سلم .
و المعنى الثاني للهداية هو التوفيق للإلتزام بمقتضى العلم , و العهد على اتباع ما دل عليه الفهم , و امتلاك الإرادة و الجرأة و الشجاعة و الصبر على متطلبات الإلتزام .
و هذه الهداية يمنحها الله سبحانه و تعالى لمن امتلك الإرادة و العزم و بذل جهده لإتباع ما علمه من الحق و الصواب . " و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " " و الذين اهتدوا زادهم هدىً و آتاهم تقواهم " .
فكثير ممن يخطئون لا ينقصهم العلم بضرر و فساد ما يعملون و لكن ينقصهم العزم و الإرادة و الصبر على الإلتزام بما علموه و تيقنوه . فالذي يتورط بالتدخين – مثلاً – لا يحتاج في الغالب إلى معرفة ضرر ما يتورط فيه و لكن تعوزه الإرادة و صدق العزم لتجنب ما يضره و يؤذيه . و يصدق هذا على كل ما يتورط فيه الناس من عادات سيئة أو أخلاق ذميمة و ممارسات قبيحة .
و يكون المؤمن على الصراط المستقيم عندما يتطابق عمله مع مقتضيات العلم الصحيح بتوجيهات القرآن الكريم و هدي النبي صلى الله عليه و سلم , و المعرفة الدقيقة بواقعه و ما يؤول إليه فعله , و ذلك في كل موقف أو اختيار . و الإسلام هو الصراط المستقيم حين لا ينفصل الإسم عن معناه من الخضوع و الإنقياد لله تعالى . فالصراط المستقيم ليس إسماً أو شارة أو علامة يحملها المرء , و الصراط المستقيم ليس انتماءً لهوية جماعية بعيداً عن مجاهدات معرفة الحق و الصواب و مجاهدات عقبات الهوى و الألفة و الإعتياد .
فدعاء المؤمن في صلاته أن يهديه الله إلى الصراط المستقيم يتضمن العهد و الوعد بتحري العلم من مصادره و مظانه في كتاب الله و سنة نبيه و مشورة أهل العلم بالواقع , و يتضمن كذلك العهد و الوعد بتطبيق مقتضى العلم و بذل الجهد للإلتزام , و يتضمن الإلتجاء إلى الله تعالى أن يعين بالتوفيق و الثبات و شرح الصدر و تقوية العزم و التيسير و تذليل العقبات .
فمن استحضر هذه المعاني في دعائه و بذل جهده في القيام بدوره و حظه في الهداية , كان حرياً أن يكرمه الله سبحانه و يكون ممن أنعم الله عليهم . و من توجه إلى العمل و هو مخالف لما يعلم أنه الحق و الصواب كان حرياً أن يكون ممن استحق الغضب من الله . و من توجه إلى العمل و هو معرِض عن تحري وجه الصواب في ما يقوم به من عمل كان حرياً أن ينطبق عليه وصف الضلال . فالصراط المستقيم حالة عقلية و نفسية تجمع بين الحرص على المعرفة و الإلتزام بها في كل شأن و في كل قرار يتخذه المؤمن و هو يواجه مواقف الحياة . فما أشد غفلة من يظن أن خطاب الله سبحانه لبيان أصناف الناس في علاقتهم بالصراط المستقيم لا تخصه و لا تعنيه , فيتورط في الغفلة عن طلب العلم و معرفة الصواب أو يميل مع الهوى و ما اعتاد و ألِف و يظن أن انتماءه للإسلام يمنحه العصمة من أن يكون من المغضوب عليهم أو من الضالين .